والمشهور أن الحور العين لسن من نساء أهل الدنيا ، وإنما هنّ مخلوقات في الجنة ، لأن الله تعالى قال : (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌ) وأكثر نساء أهل الدنيا مطموثات.
خامسا ـ وقال في الأوليين : (مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ ..) وفي الأخريين : (مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ) ويلاحظ أن الوصف الأول أرفع وأفخم.
٣ ـ كرر الله تعالى في هذه السورة قوله : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) إحدى وثلاثين مرة : ثمانية منها ذكرها عقيب تعداد عجائب خلقه ، وذكر المبدأ والمعاد ، ثم سبعة منها عقيب ذكر النار وأهوالها على عدد أبواب جهنم ، وبعد هذه السبعة أورد ثمانية في وصف الجنات وأهلها على عدد أبواب الجنة ، وثمانية بعدها عقيب وصف الجنات التي هي دونهما ، فمن اعتقد الثمانية الأولى وعمل بموجبها ، استحق كلتا الثمانيتين من الله ، ووقاه السبعة السابقة.
٤ ـ نزّه الله تعالى نفسه عما لا يليق بجلاله ، وختم السورة به ، والاسم (اسم الجلالة) مقحم على المشهور للتبرك والتعظيم كالوجه في قوله تعالى : (وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ) ، وهذا لتعليم العباد بأن كل ما ذكر من آلاء ونعم من فضله ورحمته ، وأن من عدله تعذيب العاصين ، وإثابة الطائعين ، فإنه افتتح السورة باسم (الرَّحْمنُ) فوصف خلق الإنسان والجن ، وخلق السموات والأرض وصنعه ، وأنه كل يوم هو في شأن ، ووصف تدبيره فيهم ، ثم قال في آخر السورة : (تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) أي هذا الاسم الذي افتتح به هذه السورة ، كأنه يعلم عباده أن هذا كله خرج لكم من رحمتي ، فمن رحمتي خلقكم وخلقت لكم السماء والأرض والخلق والخليقة والجنة والنار ، فهذا كله من اسم الرحمن.