[النازعات ٧٩ / ١٣ ـ ١٤]. وقال سبحانه : (ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ ، وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ ، وَما نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ ، يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ ، فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ) [هود ١١ / ١٠٣ ـ ١٠٥]. وقوله : (قُلْ) إشارة إلى أن الأمر في غاية الظهور. وأما عدم تعيين يوم القيامة فلئلا يتكل الناس.
ثم ذكر الله تعالى بعض مظاهر العذاب في المأكل والمشرب ، فقال : (ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ ، لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ ، فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ ، فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ ، فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ) أي إنكم معشر الضالين عن الحق ، الذين أنكرتم وجود الله ووحدانيته ، وكذبتم رسله ، وأنكرتم البعث والجزاء يوم القيامة : إنكم ستأكلون في الآخرة من شجر الزقوم الذي هو شجر كريه المنظر ، كريه الطعم ، حتى تملؤوا بطونكم ، لشدة الجوع ، ثم إنكم سوف تشربون على الزقوم عقب أكله من الماء الحار ، لشدة العطش ، ويكون شربكم منه شرب الإبل العطاش الظماء ، التي لا تروى لداء يصيبها ، أي لا يكون شربكم من الحميم شربا معتادا ، بل مثل شرب الهيم التي تعطش ولا تروى أبدا بشرب الماء حتى تموت ، قال ابن عباس وجماعة من التابعين : (الْهِيمِ) الإبل العطاش الظماء. وقال السدي : الهيم داء يأخذ الإبل فلا تروى أبدا حتى تموت ، فكذلك أهل جهنم ، لا يروون من الحميم أبدا. وعن خالد بن معدان : أنه كان يكره أن يشرب شرب الهيم غبة واحدة ، من غير أن يتنفس ثلاثا.
ثم أبان الله تعالى أن هذا عذابهم ، فقال :
(هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ) أي هذا الذي وصفنا من المأكول والمشروب ، من شجر الزقوم ، وشراب الحميم هو على سبيل السخرية والاستهزاء ضيافتهم عند ربهم يوم حسابهم ، وهو الذي يعد لهم ويأكلونه يوم القيامة. وفي رأي الرازي : أن هذا ليس كل العذاب ، بل هذا أول ما يلقونه وهو بعض منه.