ثم وصف الله جزاء المؤمنين وجزاء الكافرين ، فقال :
(وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ ، وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ) أي إن الذين أقروا بوحدانية الله وصدقوا رسله ، هم في منزلة الصدّيقين ، قال مجاهد : كل من آمن بالله ورسله ، فهو صدّيق ، والذين استشهدوا في سبيل الله ، لإعلاء كلمة الله ودينه ، ورفع راية الحق وأهله ، لهم الثواب العظيم عند ربهم ، والنور الموعود به الذي يسعى بين أيديهم وبأيمانهم. وهذا إشارة إلى صنفين من أصناف المؤمنين المخلصين الأربعة ، وهم الأنبياء ، والصّدّيقون ، والشهداء ، والصالحون ، المذكورون في قوله تعالى : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ ، فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ) [النساء ٤ / ٦٩]. ومن الشهداء ما ثبت في الحديث الذي أخرجه أحمد : أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «ما تعدّون الشهيد فيكم؟ قالوا : المقتول في سبيل الله ، فقال : إن شهداء أمتي إذن لقليل ، المقتول ، شهيد ، والمبطون شهيد ، والمطعون شهيد» الحديث. وهؤلاء هم شهداء الآخرة الذين لهم ثواب خاص.
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا ، أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ) أي والذين أنكروا وجود الله ، وجحدوا وحدانيته ، وكذبوا آياته وبراهينه الدالة على ألوهيته الحقّة ، وصدق رسله ، أولئك لا غيرهم هم أصحاب النار خالدين فيها أبدا. وهذا بيان حال الأشقياء بعد بيان حال السعداء.
فقه الحياة أو الأحكام :
يستنبط من الآيات ما يأتي :
١ ـ إن خشية الله والخشوع لأوامره وأحكامه من صفات أهل الإيمان ، وإن الإعراض عن آيات الله ومواعظه وشرائعه من خصال الفاسقين ، وهم اليهود