(وَلِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ ، إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) أي إنما فعل الله ذلك ليعلم علم مشاهدة ووجود من ينصر دينه وينصر رسله بإخلاص ونية صالحة ، باستعمال الحديد ، في أسلحة الجهاد ومقاومة الأعداء ، إن الله قوي قادر عزيز قاهر غالب ، يستطيع دفع عدوان الظالمين ، وينصر رسله والمؤمنين من غير حاجة إليهم ، وإنما أمرهم بالجهاد لينتفعوا به وبثوابه ، ويحققوا لأنفسهم العزة والمنعة والهيبة في قلوب الناس ، فإن حماية القيم والمبادئ تحتاج دائما إلى حماة أشداء ، ذوي بأس وإباء.
فقه الحياة أو الأحكام :
هذه الآية دستور المجتمع الإسلامي ونظام الحكم في الإسلام ، فهو مجتمع يحكم بشريعة سماوية ، على منهج الحق والعدل والمساواة ، وفي ظل من القوة الحامية لمبادئ التشريع الرادعة الزاجرة كل من يتجرأ على انتهاكها أو النيل من قدسيتها ، أو محاولة القضاء عليها ، أو عرقلة مسيرة الدعوة الإسلامية في الداخل والخارج.
أساس هذه الشريعة : المعجزات البيّنة والشرائع الظاهرة التي تضمنتها الكتب السماوية ، واحتواها وصاغها خاتم هذه الكتب وهو القرآن العظيم دستور الحياة البشرية.
ومنهج الحكم في شريعة الله تعالى هو التزام الحق والعدل في المعاملات فبالعدل قامت السموات والأرض ، وهو المعبر عنه بالميزان ، الذي دل عليه قوله تعالى : (وَالسَّماءَ رَفَعَها وَوَضَعَ الْمِيزانَ ، أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ ، وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ ، وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ) [الرحمن ٥٥ / ٧ ـ ٩].
والحديد رمز القوة الرادعة لكفالة احترام الأحكام في دار الإسلام ، ولتأديب المعتدين والمعادين لشرع الله ودينه وحرمات أهله ودياره. روى عمر رضي الله