البلاغة :
(وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ. وَالْأَرْضَ فَرَشْناها فَنِعْمَ الْماهِدُونَ) سجع رصين غير متكلف يزيد في جمال الأسلوب ، وبين السماء والأرض طباق.
المفردات اللغوية :
(بِأَيْدٍ) بقوة ، مثل الآد. (لَمُوسِعُونَ) لقادرون على خلقها وخلق غيرها ، من الوسع : بمعنى الطاقة ، والموسع : القادر على الإنفاق ، يقال : آد الرجل يئيد : قوي ، وأوسع الرجل : صار ذا سعة وقوة. (فَرَشْناها) مهدناها وبسطناها كالفراش لتستقروا عليها ، يقال : مهد الفراش : إذا بسطه ووطّأه ، وتمهيد الأمور : تسويتها وإصلاحها. (فَنِعْمَ الْماهِدُونَ) أي نحن.
(وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ) أي من كل جنس من الأجناس. (زَوْجَيْنِ) صنفين ونوعين : ذكر وأنثى ، وسماء وأرض ، وشمس وقمر ، وسهل وجبل ، وصيف وشتاء ، وحلو وحامض ، ونور وظلمة. (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) أي تتذكرون ، فتعلموا أن التعدد من خواص الممكنات ، أما الواجب بالذات خالق الأزواج فهو فرد واحد لا يقبل التعدد والانقسام.
(فَفِرُّوا إِلَى اللهِ) فروا من عقابه إلى ثوابه ورضاه بالإقرار بالتوحيد وملازمة الطاعة وتجنب المعصية. (إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ) أي إني من عذابه المعدّ لمن أشرك أو عصى بيّن الإنذار والتخويف. (وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ) إفراد وتوحيد لمن يفرّ إليه ويلجأ لجنابة ، أي وقل لهم : لا تجعلوا .. (إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ) تكرير الجملة للتأكيد.
المناسبة :
بعد إثبات وقوع البعث أو الحشر والمعاد لا محالة ، أقام الله تعالى الأدلة على الوحدانية وعظيم القدرة ، من خلق السماء محكمة البنيان ، والأرض ممهدة كالفراش للاستقرار عليها ، وخلق الجنسين كالذكر والأنثى من كل نوع من أنواع الحيوان ، والصنفين المتضادين من بقية الأشياء ، عدّد الحسن البصري أشياء كالسماء والأرض ، والليل والنهار ، والشمس والقمر ، والبر والبحر ، والموت والحياة ، وقال : كل اثنين منها زوج ، والله تعالى فرد لا مثيل له.