والمنشور : المبسوط المفتوح ، وتنكيرهما للتعظيم والإشعار بأنهما ليسا من المتعارف فيما بين الناس. (وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ) الكعبة المعمورة بالحجاج والزوار والمجاورين. (وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ) هو السماء. (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) البحر المملوء ماء ، وهو المحيط ، أو الموقد المحمى المملوء نارا ، من قوله تعالى : (وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ) [التكوير ٨١ / ٦] من سجّر النار : أوقدها ، روي أن الله تعالى يجعل يوم القيامة البحار نارا تسجر بها جهنم.
(لَواقِعٌ) لنازل بالمستحقين. (ما لَهُ مِنْ دافِعٍ) يدفعه أو يمنعه عن المستحقين. والمراد بهذه الأمور المقسم بها على وقوع عذاب الله يوم القيامة أنها تدل على كمال قدرة الله وحكمته ، وصدق أخباره ، وضبط أعمال العباد للمجازاة.
(تَمُورُ) تتحرك وتضطرب وتدور وترتجّ في مكانها. (وَتَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً) أي تسير عن وجه الأرض ، فتصير هباء منثورا ، وذلك في يوم القيامة الذي يقع فيه العذاب. (فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) أي إذا وقع ذلك فويل لهم ، أي شدة عذاب. (فِي خَوْضٍ) باطل. (يَلْعَبُونَ) يتشاغلون بكفرهم.
(يُدَعُّونَ) يدفعون دفعا شديدا بعنف. (هذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ) أي فيقال لهم ذلك. (أَفَسِحْرٌ هذا؟) أي أسحر هذا العذاب الذي ترون ، كما كنتم تقولون في الوحي : هذا سحر. (أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ) بل أنتم لا تبصرون هذا أيضا ، كما كنتم لا تبصرون في الدنيا ما يدل عليه ، وهو تقريع وتهكم. (اصْلَوْها) ادخلوها وقاسوا شدائدها. (فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا) ادخلوها على أي وجه شئتم من الصبر وعدمه وهو الجزع ، فإنه لا محيص لكم عنها. (سَواءٌ عَلَيْكُمْ) أي الأمران : الصبر والجزع سواء ، لأن صبركم لا ينفعكم. (إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) تعليل للاستواء ، لأنه لما كان الجزاء واجب الوقوع ، كان الصبر وعدمه سببين في عدم النفع.
التفسير والبيان :
يقسم الله تعالى بمخلوقاته الدالة على كمال قدرته في إيقاع العذاب بأعدائه دون أن يكون هناك دافع له عنهم ، فيقول :
(وَالطُّورِ ، وَكِتابٍ مَسْطُورٍ ، فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ) أقسم الله سبحانه بجبل طور سيناء الذي فيه أشجار ، تشريفا له وتكريما ، لما حدث فيه من حادث عظيم وهو تكليم الله موسى فيه ، وأنزل عليه التوراة التي كتبت بحروف منتظمة ، في جلد رقيق مبسوط. وكانت الجواد أكثر ما يكتب فيها قبل اختراع الورق.