ثم عدد الله تعالى أصناف النعم على المتقين ، فقال :
١ ـ (وَأَمْدَدْناهُمْ بِفاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ) أي وزدناهم على ما كان لهم من النعيم فاكهة متنوعة ، ولحما مختلفا من أنواع اللحوم ، من كل ما تشتهيه أنفسهم وتستطيبه وتلذ به.
٢ ـ (يَتَنازَعُونَ فِيها كَأْساً لا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ) أي يتعاطون في الجنة كأسا من خمر الجنة ، ويتجاذبون الكؤوس مع جلسائهم تجاذب سرور ولهو وملاعبة ، لشدة فرحهم ، وليس في شراب الآخرة ما يدعو إلى اللغو والإثم ، فلا يتكلمون بكلام لاغ ، أي هذيان ، ولا قول فيه إثم أي فحش ، كما يتكلم شاربو الخمر في الدنيا ، قال ابن قتيبة : لا تذهب بعقولهم ، فيلغوا ، كما يكون من خمر الدنيا ، ولا يكون منهم ما يؤثمهم.
وقد أخبر الله تعالى عن حسن منظر خمر الآخرة وطيب طعمها ومذاقها ، فقال : (بَيْضاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ ، لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ) [الصافات ٣٧ / ٤٦ ـ ٤٧] وقال : (لا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَلا يُنْزِفُونَ) [الواقعة ٥٦ / ١٩].
٣ ـ (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمانٌ لَهُمْ ، كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ) أي ويدور عليهم للخدمة بالكأس والفواكه والطعام وغير ذلك فتيان يخدمونهم ، كأنهم في الحسن والبهاء لؤلؤ مستور ، مصون في الصدف ، لم تمسّه الأيدي.
ونحو الآية : (يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ ، بِأَكْوابٍ وَأَبارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ) [الواقعة ٥٦ / ١٧ ـ ١٨].
روى ابن جرير وابن المنذر عن قتادة قال : «بلغني أنه قيل : يا رسول الله ، هذا الخادم مثل اللؤلؤ ، فكيف بالمخدوم؟ فقال : والذي نفسي