ونظير الآية : (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ ، عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً) [الإسرار ١٧ / ٧٩] وهذا يتفق مع الحديث الصحيح : «خمس صلوات في اليوم والليلة ، قال : هل علي غيرها؟ قال : لا إلا أن تطوّع».
فقه الحياة أو الأحكام :
أرشدت الآيات إلى ما يأتي :
١ ـ شأن الكفار وديدنهم العناد ومكابرة المحسوسات ، حتى إنهم لو رأوا بأعينهم أمارات العذاب النازل عليهم من السماء كالشهب والصواعق ، لما أيقنوا وظلوا على كفرهم ، وزعموا أنه سحاب محفّل بالمطر متراكم بعضه على بعض ، وليس صواعق. وهذا جواب قولهم : (فَأَسْقِطْ عَلَيْنا كِسَفاً مِنَ السَّماءِ) [الشعراء ٢٦ / ١٨٧] وقولهم : (أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً) [الإسراء ١٧ / ٩٢].
٢ ـ هددهم الله تعالى بالهلاك السريع وأمر نبيه صلىاللهعليهوسلم بتركهم والإعراض عنهم حتى يوم بدر ، أو يوم يموتون أو يوم النفخة الأولى في يوم القيامة حيث يأتيهم فيه من العذاب ما تشيب منه الرؤوس وتزول به العقول. وليس قوله : (فَذَرْهُمْ) للتخلي عن دعوتهم إلى الإسلام ، والقول بأن ذلك منسوخ بآية القتال ضعيف كما ذكر الرازي ، وإنما المراد التهديد.
٣ ـ في ذلك اليوم الذي يلاقونه لا ينفعهم فيه شيء من مكرهم وما كادوا به النبي صلىاللهعليهوسلم في الدنيا ، وما تآمروا به عليه ، ولا يجدون فيه ناصرا ينصرهم من الله ، أو مانع يمنعهم من عذاب الله. وقوله : (يَوْمَ لا يُغْنِي) فيه تمييز يوم الكفار والفجار عن يوم المؤمنين حيث قال تعالى فيه : (يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ) [المائدة ٥ / ١١٩].