في حق الأمة ، وبقيت الفريضة في حق النبي صلىاللهعليهوسلم. وقيل : نسخ التقدير بمقدار ، وبقي أصل الوجوب ، كقوله تعالى : (فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) [البقرة ٢ / ١٩٦] فالهدي لا بد منه ، كذلك لم يكن بدّ من صلاة الليل ، ولكن فوّض قدره إلى اختيار المصلي. وهذا مذهب الحسن. ومذهب الشافعي : النسخ بالكلية ، فلا تجب صلاة الليل أصلا.
٤ ـ أمر الله بقراءة ما تيسر من القرآن ، والمراد من هذه القراءة : الصلاة ؛ لأن القراءة أحد أجزاء الصلاة ، فأطلق اسم الجزء على الكل ، أي فصلوا ما تيسر لكم ، والصلاة تسمى قرآنا ، كقوله تعالى : (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) [الإسراء ١٧ / ٧٨] قال ابن العربي : وهو الأصح ؛ لأنه عن الصلاة أخبر ، وإليها يرجع القول.
وقيل : المراد القراءة نفسها ، أي فاقرؤوا فيما تصلونه بالليل ما خفف عنكم. قال السدّي : مائة آية ، وقال الحسن : من قرأ مائة آية في ليلة لم يحاجّه القرآن. وقال كعب : من قرأ في ليلة مائة آية كتب من القانتين. وقال سعيد بن المسيب : خمسون آية. قال القرطبي : قول كعب أصح ؛ لما أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده من حديث عبد الله بن عمرو أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين ، ومن قام بمئة آية كتب من القانتين ، ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين» أي أعطي من الأجر قنطارا.
وصحح القرطبي القول الثاني حملا للخطاب على ظاهر اللفظ ، والقول الآخر مجاز ، فإنه من تسمية الشيء ببعض ما هو من أعماله.
٥ ـ أبان الله تعالى حكمة هذا النسخ ، وذكر علة تخفيف قيام الليل ؛ فإن الخلق منهم المريض ، ويشق عليه قيام الليل ، والمسافر في التجارات قد لا يطيق قيام الليل ، وكذلك المجاهد ، فخفف الله عن الكل لأجل هؤلاء.
٦ ـ سوى الله تعالى في هذه الآية بين درجة المجاهدين والمكتسبين المال