ثم الرجوع الى الله له درجات يتدرجها الراجعون ، ابتداء من الموت في حياة برزخية فيها ثواب وعقاب مؤقت نظرة الاخرى ، ثم الحياة الأخرى ، ثم الى موقف الحساب الختامي فالجزاء ، فنحن إذا في مثلث الرجوع الى الله ، وكما آياته تشملها أحيانا : (هُوَ يُحيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (١٠ : ٥٦) وبعض منها بعضا كما آيتنا و : (اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (٣٠ : ١١) (وَالْمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اللهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) (٦ : ٣٦) حيث تدل على قاعدة مثلث الرجوع : موقف الحساب ، ومن ثم لا نجد تصريحة في الرجوع الثاني فحسب اللهم إلّا لمحات : (قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا) (٢٤ : ٦٤) حيث الإنباء بما عملوا بعد الرجوع الى الله هو رجوع الحساب بعد رجوع الحياة (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ) (٥٠ : ٣) وعلّها صريحة في الثاني.
وترى ان الرجوع الثالث بعيد عن الثاني ولذلك يعطف عليه بتفريع البعيد (ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)؟.
أقول : نعم : (ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٦ : ٦٠) وطبعا هو بعد زمني بالنسبة لنا ، واما الله فلا : (إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٥ : ١٠٥) فلا مناحرة بين «ف وثم» لاختلاف المقامين ، ثم لا نجد «ثم» إلا في ثنتين بين إحدى عشر آية (١) مما يؤكد القرب إلهيّا ، مهما كان بعيدا عندنا.
__________________
(١) العشرة الاخرى هي : ٣ : ٥٥ ـ ٥ : ٤٨ ـ ٥ : ١٠٥ ـ ٦ : ١٦٤ ـ ١٠ : ٢٣ ـ ٢٩ : ٨ ـ ٣١ : ١٥ ـ ٣٩ : ٧ ـ ٦ : ١٠٨ ـ ٣١ : ٢٣.
ثم الثانية المذكورة فيها «ثم» (مَتاعٌ فِي الدُّنْيا ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذابَ الشَّدِيدَ) (١٠ : ٧٠).