(فَإِذا أَمِنْتُمْ) مما خفتم (فَاذْكُرُوا اللهَ كَما عَلَّمَكُمْ) بالهيئات الواجبة في الصلاة ذاكرين الله (كَما عَلَّمَكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) من كيفية الصلاة وأذكارها وسائر كيفيات العبادات وأذكارها.
أجل و «لا تترك الصلاة بحال» مهما اختلفت حالاتها حسب مختلف الأحوال ، وذلك يوحي بأهميتها البالغة ، وأنها عدة في المخاوف فلا تترك فيها مهما ترك البعض من مظاهرها ، فقد يؤديها المناضل في ميادين الحرب والسلاح بيده ، والخطر هاجم عليه ، وهي سلاح له روحي ، وجنة له أفضل من كل الدروع ، يؤديها فيتصل بربه أحوج ما يكون للاتصال به ، وأقرب ما يكون إليه والمخافة تحلق عليه.
ثم هنا (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً) وفي آية النساء (وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً) فهنا إجمال عن (أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ) في (فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً) وهناك تفصيل تعم التقصير من الصلاة على أية حال عند الخوف مهما كان المصلي واقفا ، والى قول فصل عن صلاة الخوف وصلاة المسافر على ضوء آية النساء في محله ، ولا تجد في القرآن كله آية تتحدث عن صلاة المسافر ، اللهم إلا هنا وفي النساء حيث يتحدث عن صلاة الخوف ، وإنما يلحّق صلاة المسافر في غير ما خوف بصلاة الخوف تلحيق التأويل ، وقد حدّد السفر بمسيرة يوم بأغلب السير والغالب على المسير ، مما يلحّقها سفرا ، بها خوفا ، بفارق أن هنا تعبا نفسيا وفي مسيرة يوم تعب بدني.
وقد تختص (فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً) بخوف أشد لا يسمح بالوقوف حالة الصلاة ، و (أَنْ تَقْصُرُوا ...) تعم كل مراحل الخوف ، فيقدر قصر الصلاة بقدره ضرورة الحفاظ على النفس ، فإن الضرورات تبيح المحظورات.