إذا فهذه الآية تصبح من فروع آية الوصية للوالدين والأقربين ، حيث الأزواج هن من الأقربين سببا ، فلئلا يفلتن عن أنظار ضيقة تختص «الأقربين» بأقارب النسب ، يفرض هنا عليهم الوصية لهن (مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ) وذلك مخصوص بقدر الثلث ، والزائد عنه بحاجة إلى إمضاء الورثة.
فلا نسخ في هذه الآية لا عدة ولا ميراثا ، اللهم إلا تخصيصا ل (مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ) بالثلث كما خصصت آية الوصية للوالدين والأقربين بها ، بسند آيات الفرائض ، والسنة المقررّة الوصية في نطاق الثلث.
وكون (مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ) ميراثهن في الجاهلية لا يقتضي نسخه إلّا كميراث وهو التخصيص ، فكما (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) كذلك (وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ) فالعدة فريضة عليها (أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) و (مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ) حق لها بالوصية المكتوبة على الزوج.
وقد تعني «وصية» أنها وصية ثابتة في الثلث ، أوصى بها الزوج ام لم يوص لها ، ومما يشهد لعموم الوصية ترك الفاعل ، ف «أوصي وصية» الى «ليوصوا وصية» هما المعنيان من «وصية» ولو كان المعني أحدهما لجيء بلفظه الخاص أمنا عن الالتباس.
وقد يشير تعريف «الحول» إلى الحول المتداول في الجاهلية ، فالإسلام مقرره بمكتوب الوصية وواقعها وان لم يوص ، ونسخه كميراث ، ولا سيما ميراثا فوق الميراث المقرر لهن في آيات الفرائض ، ثم (فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُناحَ ...) تنفي الجناح المزعوم في الجاهلية بحظرها عن الخروج والزواج خلال الحول (وَاللهُ عَزِيزٌ) في تدبيره وتقديره «حكيم» في حكمه.
وقد تعني «كم» في (فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ) إضافة إلى الورثة الموصى عليهم