والآية السالفة إنما تفرض النصف من المفروض في حقل المفروض الأول وهو الصداق ، وهذه تفرض مفروضا ثانيا لا يعارض الأول ، فذلك صداق وهذا متاع وهما حسب النصين مفروضان (١) لا ينوب أحدهما الآخر.
ومما يؤكده أن المتاع مخصوص بالمطلقات ، فلا نجده بعد المهر لغيرهن ، اللهم إلّا «متاعا إلى الحول غير إخراج للمتوفى عنهن أزواجهن».
وهنا (حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) مما يزيد دلالة على فرض المتاع عن (حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ) (٢).
فذلك المتاع ليس ـ فقط ـ صدقاتهن ، بل هو فرض فوق فرض ، هدية الفراق ، كما كان من المتعوّد هدية النكاح ، فهما متاعان بالمعروف خارجان عن الصدقات.
ومن متاع المطلقات بالمعروف التمتع بهن في الرجعيات وهو الرجوع إليهن بذلك التمتع ، ولكنه معنى هامشي بالنسبة لطليق «المطلقات» لأنه مختص بالرجعيات ، ثم ولا تمتّع الرجعيات بمتاع الطلاق ، لأنه تأكّد من الطلاق ،
__________________
(١) الدر المنثور ١ : ٣١٠ ـ أخرج البيهقي عن جابر بن عبد الله قال لما طلق حفص بن المغيرة امرأته فاطمة أتت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال لزوجها متعها ، قال : لا أجد ما أمتعها ، قال : فانه لا بد من المتاع متعها ولو نصف صاع من تمر ، وفيه اخرج ابن المنذر عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال : لكل مؤمنة طلقت حرة او امة متعة وقرأ : (وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ).
(٢) المصدر أخرج ابن جرير عن ابن زيد قال : لما نزل قوله (حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ) قال ـ