الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها ...) (٣٣ : ٤٩).
ثم (يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ) تعم تربص الرجوع إلى حضن الزوجة الأولى حيث يحق للزوج الرجوع إليها خلال (ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) وتربص الزوجية الأخرى عرضا ام زواجا ، عقدا ام ووطئا ، مهما بان البون بين التربصين ، ففي الأول عليهن عرض انفسهن على أزواجهن كما كن قبل الطلاق بل وأكثر وأشهى وأبدى (لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً) فهو تربص ايجابي لحظوة الجنس ، وفي الثاني محرم عليهن العرض لزواج آخر فضلا عن ان يتزوجن ، فهو تربص سلبي ، فهن على اية حال (يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ...) تكلّفا ايجابيا وسلبيا يتحدان في الرغبة الأنثوية إلى الجنس ، عرضا لها لأزواجهن في غير البائنات ، وإعراضا عنها لغيرهم في عرض واحد ، فعليهن ـ إذا ـ في قروءهن جذب الأوّلين ودفع الآخرين إلى انقضاء القروء ، ثم لا تربّص حيث يأتي لهن دور الحرية الكاملة في التحري عن زواج جديد.
فلأن التربص هنا هو بين «إلى وعن» لم يأت «لأنفسهن» الخاصة بالأول ، ولا «عن انفسهن» وهي للثاني ، وانما «بأنفسهن» وهي عوان بينهما ، وضبطا لأنفسهن فيهما ، ثم والباء هنا سببية تعني ان واجب التربص ليس ضغطا من غير أنفسهن ، خوفة من الناس ، بل بأنفسهن كأصول في ذلك التربص ، حيث يرضنها بالتقوى ويرفضنها عن الطغوى.
ام وهي مصاحبة كما هي سببية ، تربصا مصاحبا لأنفسهن ، ممازجا لها خليطا بها ، وهي هي أسباب التربص ومبادئها بما أمر الله ، دونما مصاحبة او سببية أخرى ، وذلك هو خالص التربص وناصعه.
و «انفسهن» هنا تلمح لرغبة الجنس ، الدافقة إلى استمرارية الحظوة