ثم الطاغوت منه نفسي ومنه خارجي ، وأقواه وأغواه هو الاول حيث الثاني لا يؤثر الا باستجابة الاول ، فقد تطغوى النفس على العقل ثم على عباد الله ثم على الله ، فهي في ثالوث الطغيان.
ولكن الطاغوت الخارجي ليس له مجال إلا في الأخيرين ، وبعد أن طغت النفس على العقل ، وأسفل دركات الطغيان هو النفسي والخارجي مع بعض في كل الأبواب السبع المذكورة ، والكفر بالطاغوت كما الايمان بالله يعم مثلث القال والحال والأعمال ، كفرا كاملا كافلا لمفاصلة تامة بينك وبين كل طاغوت ، كما الايمان يعم كل المواصلات بالله ، وهذا الإيجاب بعد ذلك السلب هو العروة الوثقى التي لا انفصام لها.
وقد يعبر عن ذلك السلب والإيجاب بإسلام الوجه لله : (وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى وَإِلَى اللهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ) (٣١ : ٢٢).
فبداية العروة الوثقى هي الايمان بالله ، ونهايتها هي إسلام الوجه بكل وجه الى الله ، ثم بينهما درجات ، ورأس الزوايا الثلاث في كلا الايمان والإسلام هو ايمان القلب ، ثم اللسان بيان ظاهر لذلك الايمان ، وعمل الأركان هو تجسد الايمان.
(اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (٢٥٧).
«الولي» هو الذي يلي امر غيره او يلي امره غيره ام هما المتواليان ، و (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا) حيث يلي أمر إخراجهم من الظلمات إلى النور كما يلي سائر