ذلك! رغم ما وردت به الرواية دون اية رعاية او دراية (١).
(كَيْفَ نُنْشِزُها) رفعا لها عن خفضها في رمادها البالية «ثم» بعد نشزها (نَكْسُوها لَحْماً) وكما نخلقكم في بطون أمهاتكم : (فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ...) فقد كان نشزا عن خفض الأرض ، وخفض الرماد ، إلى عالية العظام بعد ما كانت نخزه!.
فقد أري الذي مر على قرية كيفية نشز العظام وكسو اللحوم ، كظاهرة مرئية ببصر العين ، لتزيده عين اليقين إلى علم اليقين.
وفي مثلث الأمر بالنظر هنا عبر : فبادىء النظر الى شرابه وطعامه يحيره كيف لبث مائة عام وكل منهما لم يتغير ، وثاني النظر إلى حماره النخر يحيّره كيف هكذا تغير ان لم تمض مائة سنة ، ثم وكيف لم يتغير شرابه وطعامه في ذلك الغير! وثالث النظر يوقفه على «كيف يحيي هذه الله بعد موتها» بعين البصر بعد ما كان واقفا عليه بالبصيرة النافذة.
نظرات ثلاث تحوي نظرات ثلاث من تلك الإماتة والإحياء (وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ)!.
(فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ) ما لم يكن يتبين لولا ما أراه الله ، مهما كان يعلم تلك الحقيقة الكبرى ، (قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
فهنا «اعلم» تأشيرا لاستمرارية علمه ، مهما انتقل من علم اليقين الى
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٢٦٩ في الاحتجاج عن أبي عبد الله (عليه السلام) حديث طويل وفيه يقول : وأمات الله ارميا النبي الذي نظر الى خراب بيت المقدس وما حوله حين غزاهم بخت نصر وقال : أنى يحيي ... ثم أحياه ونظر الى أعضائه كيف تلتئم وكيف تلبس اللحم والى مفاصله وعروقه كيف توصل فلما استوى قاعدا قال : (أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).