دركات الأذى ، محقا للإنفاق وتمزيقا للمجتمع واثارة للضغائن والأحقاد ، بديلا عن التؤدة والأمجاد!.
وهنا يظهر السر في : إحذر شر من أحسنت إليه ، بوجه مّا ، فان رد الفعل للإحسان بطبيعة الحال في النفوس الإنسانية ، ولا سيما الأبيّة ، هو العداء العارم يوما مّا.
فان الآخذ ـ أيا كان ـ يحس في نفسه بالضعف والنقص والانكسار أمام المعطي ، منا ودون من ، إلّا أن يحبر نقصه بكل تبجيل واحترام ، إنفاقا محببا ومما تحبون ف (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ).
ففي مثلث الإنفاق لا يأمن المنفق من بأس الإنفاق وبؤسه إلا أن يقرنه بما يزيل وصمة الإنفاق ، ويرفع سمته إلى مرتفع قد يكون أرفع من المنفق ، ولذلك قد تعتبر يد الآخذ يد الله: (وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ ...) (٩ : ١٠٤) تأديبا أديبا لكيفية الإنفاق ، أن تكون أربى وأولى مما ينفق على نفسه وأهليه ، دون إفراط ولا تفريط.
وإن أحسن الحسن في الإنفاق ـ الذي ينفى إتباعه بالمن والأذى ـ هو إتباعه بقول معروف وحسنة مثلها ام تربوها ، ف «ما من شيء أحب الي من رجل سلفت مني اليه يد اتبعتها أختها وأحسنت ربها ، لأني رأيت منع الأواخر يقطع لسان شكر الأوائل» (١).
ثم وهؤلاء الأكارم الذين لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى ، هم (لَهُمْ أَجْرُهُمْ) السبعمائة (وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ) دون سواهم ، سواء أجروا قليلا ام لم يؤجروا ام عذبوا بما أثموا ، (وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) من فقر هنا ، ام تساءل
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٢٨٤ عن تفسير القمي ثم ضرب الله فيه مثلا فقال : ... ما من شيئ ...