إحباطا واكثر اثباتا قد يسقط فرض الإنفاق واقعيا وان لم يسقطه نفسيا (١).
والمن والأذى يبطلان الصدقة على أية حال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى كَالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النَّاسِ ...).
ثم المن والأذى المتبعان قد يدلان على أن حالة الإنفاق قبلهما لم تكن صافية لوجه الله ، ضافية في سبيل الله ، مهما لم يصاحباه حينه ، ف «ما أضمر رجل أمرا إلا وقد يظهر في صفحات وجهه أو فلتات لسانه» فالمضمر في الضمير لا بد وأن يظهر يوما مّا حيث لا يتمالك الضامر ضميره عن بروزه.
إذا فذلك الإنفاق المتبع بالمن والأذى ، لم يكن بذلك السليم حينه ، مهما برزت علته بعد حينه ، ثم المنّ ـ بعد ذلك كله ـ عنصر كريه ذميم لئيم ، وشعور واط خسيس دميم ، فالنفس الإنسانية السليمة لا تمن بما أعطت من نعم الله ـ الموهوبة له ـ إلا رغبة في الاستعلاء الكاذب ، او رغبة في إذلال الآخذ ، ام لفتا لأنظار الناس ، وذلك ثالوث منحوس من الاستعلاء البلاء الخواء والكبرياء البواء.
فالمن ـ إذا ـ هو أذى للواهب والموهوب له ، استكثارا للواهب ، واستكسارا للموهوب له ، ولم يكن الله ليريد من امر الإنفاق مجرد سد الخلة المالية ، مهما كان بأمر الجانبين بالمن والأذى ، بل وتزكية لنفوس المنفقين ، وترفيعا لأنفس المنفق عليهم وكأنهم هم المنفقون ، رفعة كبديلة عن فقرهم ، والمن يحيط هذا كله ، ويحول الإنفاق سما لاذعا ونارا محرقة ، وهو انحس
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٢٨٣ عن المجمع روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من أسدى إلى مؤمن معروفا ثم آذاه بالكلام أو من عليه فقد أبطل الله صدقته.