الثالوث كخلوصه عن ثالوث المن والأذى ورئاء الناس ، فهذه ست في واجب الإنفاق.
و «اعلموا» ايها المجاهيل المنفقون خبيثا (أَنَّ اللهَ غَنِيٌّ) عن انفاق الخبيث والإنفاق الخبيث «حميد» في غناه ، فلم يأمركم بالإنفاق لضنّة منه وبخل او عجز عن الإنفاق دون وسيط ، وانما يؤدبكم ويربيكم بإنفاقكم الطيب تربية صالحة.
فمهما كان الإنفاق في سبيل الله دون من ولا أذى ولا رئاء الناس ، ولكن الخبيث مما تنفقون يخبّثه ، فليكن الإنفاق في مثلث من كيف وكم ومادة ، هي كلها صالحة وفي سبيل الله ، تباعدا عن ثالوثة المنحوس كيفا وكما ومادة.
فقد يكون الإنفاق طيبا في النية ، ولكنه خبيث في كم او مادة ، ام هو طيب فيهما او في أحدهما ، ولكنه خبيث في النية ، والإنفاق في سبيل الله يتطلب الطيب في كل الأطراف المعنية ، نية ومادة وكمية.
وقد «جاء رجل ذات يوم بعذق حشف فوضعه في الصدقة فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : بئس ما صنع صاحب هذا فأنزل الله تعالى هذه الآية» (١) ف «انهم كانوا يتصدقون بشرار ثمارهم ورديء أموالهم فانزل الله هذه الآية» (٢) تنديدا بخبث المادة بعد التنديد بخبث الكيفية.
__________________
(١) تفسير الفخر الرازي ٨ : ٦١ عن ابن عباس جاء رجل ...
(٢) المصدر روي عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) والحسن ومجاهد انهم كانوا ... وفيه اخرج عبد بن حميد عن جعفر بن محمد عن أبيه قال لما امر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بصدقة الفطر جاء رجل بتمر رديء : فامر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي يخرص النخل ان لا يجيزه فانزل الله هذه الآية ، وفيه بسند عن سهل بن حنيف قال : امر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالصدقة فجاء رجل بكبائس من هذا السحل يعني الشيص فوضعه فخرج رسول الله ـ