ذلك الشيطان! ولكن (اللهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ) في الدارين لذنوبكم ، وغفرا على أموالكم وأحوالكم هنا من هجمات البائسين ، حيث الإنفاق الإسلامي السامي يمنعهم من أي كيد أو ميد عليكم ، ثم «وفضلا» هنا في أموالكم وأحوالكم ، وباحرى في الأخرى بسبعمائة ضعف او تزيد ، ومن أفضل الفضل هو النفسي ، حيث تتعود على البذل والتنازل عما ينفقه في الله ، وتربوا معرفة بالله ، وزلفى إلى الله ، (وَاللهُ واسِعٌ) علما وقدرة ورحمة ، فلا يخلف الميعاد «عليم» بنياتكم وطوياتكم ، و «عليم» كيف يثيبكم وأنّى (١).
ف (الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ) في أصل الإنفاق ، فإذا عجز ففي طيبه الواجب ، ثم الراجح ، وكأنه هو الذي يغني ويقني! والله هو الذي (أَغْنى وَأَقْنى) (٥٣ : ٤٨).
فكل بخل وتثاقل عن طيب الإنفاق هو من وعد الشيطان ، منعا عن أصله ، ام إفسادا في نيته او كميته او كيفيته ، قرنا للإنفاق ام بعده بمن او أذى ام رئاء ، (وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللهَ لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ. فَلَمَّا آتاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ. فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِما أَخْلَفُوا اللهَ ما وَعَدُوهُ وَبِما كانُوا يَكْذِبُونَ ... الَّذِينَ
__________________
(١) في الدر المنثور ١ : ٣٤٨ عن ابن مسعود قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إن للشيطان لمة يا ابن آدم وللملك لمة ، فأما لمة الشيطان فإيعاد وبالشر وتكذيب بالحق وأما لمة الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق فمن وجد ذلك فليعلم انه من الله فليحمد الله ومن وجد الأخرى فليتعوذ بالله من الشيطان ثم قرأ (الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ ...).
وفي نور الثقلين ١ : ٢٨٤ عن العلل بسند متصل عن أبي عبد الرحمن قال قلت لابي عبد الله (عليه السلام) إني حزنت فلا أعرف في اهل ولا مال ولا ولد وربما فرحت فلا اعرف في اهل ولا مال ولا ولد؟ فقال : انه ليس من أحد الا ومعه ملك وشيطان فإذا كان فرحه كان دنو الملك منه وإذا كان حزنه كان دنو الشيطان منه وذلك قول الله : (الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ ...).