لَهُنَّ) لأنها مما خلق الله في أرحامهن كأمانات لأزواجهن.
ولأن هذه الأمور هي مما لا يعلم إلا من قبلها ، وقد تفسد الأنسال والأبضاع بكتمانها ، لذلك يهدّدن فيها كأن كتمانها كفر بالله واليوم الآخر (إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) ، ففترة العدة هي فترة الاستعداد ، إما للرجوع إلى الزوجية الأولى ، او إنشاء زوجية جديدة ، لذلك يستجيش منهن شعور الإيمان بالله واليوم الآخر في هذه الفترة الممتحنة ، حفاظا على أمانات الزوجية ، ورعاية لحدود الله ، ولأن ذلك الكتمان محرم رعاية لحرمة حق الأزواج في الحمل وفي الرجوع ، فقد يجوز لهن كتمان البقاء في العدة إذا كان الرجوع ضرارا ام لعدم الإصلاح ، فإذا أراد الرجوع الذي ليس من حقه تقول تورية صالحة لقد انقضت العدة بالطهر بعد الحيضة الأخيرة ، فرارا عن الضرار.
وانها فترة معقولة يختبر فيها الزوجان عواطفهما بعد الفرقة وكما يؤمران بشأنها وينهيان حتى ينهيانها بإحسان :
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً. فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ ذلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً) (٦٥ : ١ ـ ٢)
فقد يظل في قلوبهما ظلّ من ودّ قد يستعاد ، وعاطفة قد تستجاش ، او معان أخرى من عطف الزوجية غلبت عليها نزوة او فظوة ، فإذا سكن الغضب وهدأ النصب ، فقد تستصغر تلك الأسباب العاجلة في هذه الفترة الآجلة ، فتستأنف الحياة جديدة جادة ، فلما ذا ـ إذا ـ إحراجهن فإخراجهن من بيوتهن ،