باختصاص الحل في السعى ، بل هو يعم كل حق بسعي ودون سعي.
وأخيرا فالنصوص المتواترة كتابا وسنة في حل الاكل دون سعي في موارده تخصص قاعدة السعي ـ ان دلت على الاختصاص ـ بما سوى مواردها ، مع العلم أن البطال القادر على السعي ليس له من بيت المال شيء ، اللهم إلّا ميراثا من قريب.
والربا خطر على كل الحقول الاقتصادية هدما لبناء الموازنة العادلة بين المساعي والأموال ، واختلاق معادي في جعل الشطر الإنساني الموحّد شطرين متناحرين متنافرين ، فهنا غني هارع قارع ، وبجنبه فقير مدقع ضارع.
وهنا عرض عريض لشحّ الربا وقذارتها ودنسها بأثريتها وفرديتها النحسة النجسة ، بعد عرض لعطاء الصدقة وسماحتها وطهارتها وزكاتها في تعاونها وتكافلها.
ولم يبلغ الإسلام من تفظيع أمر الجاهلية ما بلغه من تفظيع أمر الربا ، ولا بلغ من التهديد في اللفظ والمعنى ما بلغه من التهديد في أمر الربا ، وقد وردت أحاديث متواترة تغليظا في حرمتها (١).
لقد كانت للربا في الجاهلية الأولى مفازعها بمفاسدها وشرورها ، إلّا أن الجوانب الأشنع قبحا من وجهها الكالح القبيح ما كانت بادية مثل ما بدت في الجاهلية المتحضّرة ، ولا كانت البثور والدمامل مكشوفة في الجاهلية الأولى كما كشفت في الجاهلية الثانية.
__________________
(١) الدر المنثور ١ : ٣٦٤ ـ أخرج الحاكم وصححه والبيهقي عن عبد الله بن مسعود عن النبي (ص) قال : الربا ثلاثة وسبعون بابا أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم.