الأموال الشخصية ببعديها : ١ لك أو ٢ لمن سواك ، ٣ والأموال المشتركة ، فإن شرعة الإسلام هي شرعة الكدح والسعي دون أية بطالة أو بتالة : (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ) (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى).
فكما السرقة وسائر الخيانات المالية هي من أكل المال بالباطل ، كذلك الربا ـ بل هي أنحس ـ وبخس المكيال أمّا شابه ، مهما اختلف أكل عن أكل ، من باطل ككلّ ، أم باطل نسبي ، ومن الاوّل الربا إذ ليس فيها أي حق أو سعي يستحق به آكلها ما يأكله ، كما من الثاني أن تبيع بأغلى من واقع الثمن غير المختلق ، فتربح زيادة عن سعيك ، وهكذا في كل تجارة وإجارة تجرّ بها إليك أكثر مما سعيت ، فإنها تتشارك في أنها أكل للمال بالباطل ، مطبقا أم جزئيا ، وكل ذلك ربى مهما اختلفت دركاتها ، فالأولى هي الربا الاصيلة التي تستأصل الإقتصاد عن توازنه العادل بأسره ، والثانية هي الربا الفرعية ، وقد لعنها رسول الله (ص) بأسرها آكلا وموكلا وشاهدا وكاتبا وهم سواء (١) ، كما وبشر صيارفة الربا بالنار(٢).
فالذي يبيعك ما يسوى خمسين بمائة إنما خسرّك هنا مرة ، ولكن الذي يربيك مثلا في مأة الف بألفين شهريا ، لا يدعك أبدا ترتاح بلقمة عيش وبلغته ، فإنه يستأصل تدريجيّا كل مالك ومالك من طاقة فتصبح صفرا فيهما وقد أصبح هو على جهدك وسعيك وله مئات الآلاف.
__________________
(١) الدر المنثور ١ : ٣٦٧ ـ أخرج مسلم والبيهقي عن جابر بن عبد الله قال لعن رسول الله (ص) آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه وقال : هم سواء.
(٢) المصدر أخرج الطبراني عن القاسم بن عبد الواحد الوراق قال : رأيت عبد الله بن أبي في السوق فقال : يا معشر الصيارفة أبشروا ، قالوا : بشرك الله بالجنة بما تبشرنا؟ قال قال رسول الله (ص) للصيارفة أبشروا بالنار.