نصيب لصاحب مرّة قوى من بيت مال المسلمين زكوة وسواها ، إنما هم الفقراء والمساكين حالا ومالا ، دون هؤلاء البطالين الذين يتركون المساعي المحللة فيأخذون الربا أو الصدقات والزكوات أمّن سائر حقوق الله ، لا لشيء إلّا خيالات مختلقة كأن لهم حقوقا في بيت مال المسلمين.
فلا حظّ إلّا للساعي قدر سعيه ، أو القاصر ـ على هامشه ـ قدر قصوره ، سواء أكان السعي فكريا علميا أو عمليا ، فإنما هو السعي النافع لإدارة شؤون الحياة ، الذي يبذل بإزائه المال و (أَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى).
هناك في آية مكية نجد أول حظر من الربا : (وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللهِ وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ) (٣٠ : ٣٩).
ثم في مدنية يغلظ النهي : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (٣ : ١٣٠) وفي ثالثة تذم الذين هادوا بأخذهم الربا : (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ كَثِيراً. وَأَخْذِهِمُ الرِّبَوا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً) (٤ : ١٦١).
ومن ثم آية البقرة هذه وهي آخر ما نزلت بشأن الربا كما وأنها من أخريات ما نزل من القرآن كله ، نجدها كأغلظ ما يكون تحريما مهددا بحرب من الله ورسوله ، ما يربوا على عشرات من الآيات التي تهدد بشأن اكبر الكبائر ، كما وهي أشمل من الأولين نطاقا وإطلاقا ، وقد تكون المدينة الأخرى قبلها (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً) (٣ : ١٣٠) فإنها تنهى عن مضاعفات الربا.