فما قلة ذكرها في الذكر الحكيم مما يقلل من محظورها ، حيث العبرة بصيغة التعبير دون عديده.
في الأولين ـ فقط ـ تنديد بالمؤمنين الذين يأكلون الربا ، وهنا تنديد بكل هؤلاء الذين يأكلونها ، تقديما لمستحليها الكافرين ، وتنديلا بآكليها من المؤمنين ، تحليقا في حرمتها على كل العالمين دونما إبقاء ، كما وأن آيات حرمة أكل المال بالباطل تشمل الربا كأصل كما تشمل غيرها ، ولا سيما المهددة بقتل الأنفس في حقل الأكل بالباطل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً. وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْواناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً) (٤ : ٣٠).
(الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا ...).
ف «الذين» تشمل كتلتي الكفر والإيمان ، وكما يدل عليه (قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا ...) و (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ... وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا ...).
وكما «الربا» الطليقة هنا تشمل الربا الخالصة وهي التي تؤخذ دون مقابل من سعي وسلعة كربا القرض ، والربا النسبية وهي الزيادة على الحق المستحق كربا المعاملة ، أو الزائد علي سعي ، كالعامل الذي يأخذ أكثر من مستوى سعيه ، وصاحب العمل الذي يأخذ من عمل العامل أكثر من أجره ، وكل من البائع والمشتري الذي يأخذ أكثر من مستحقّه ، والمستحلّ المستغلّ من الأموال العامة أكثر من سعيه أو مستحقه أمن ذا من آكل ما ليس له إذ لا يقابله سعى واستحقاق ، اللهم إلّا العجزة والقصّر العاجزون عن سعي يكفيهم لضرورة المعاش حيث يأكلون من بيت المال دونما تدجيل ولا إدغال.