وكما يروى تخبطه يوم الدنيا في وجه خاص عن الإمام الصادق (ع): «آكل الربا لا يخرج من الدنيا حتى يتخبطه الشيطان» (١).
وأما تخبطه في الأولى ككل ما دام يأكل الربا فمنه تخبّطه في تمثيل البيع بالربا بل وجعلها أصلا له : (إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا) دونما عقلية إنسانية تميز بينهما ، ولا عقلية شرعية تجعل بينهما بونا بعيدا.
فإنه تخبّط في حقل الإقتصاد ، وتخبط في الضمير الإنساني ، وتخبط في عشرة الناس مرابين وسواهم ، تخلفا لا شعوريا عن مرسوم الحياة الإنسانية السليمة.
فقد نرى صورة ذلك التخبط واقعة بذاتها في حياة المرابين بأذان حرب من الله ورسوله ، حيث تخبط البشرية المرابية كالممسوس في عقابيل النظام المتخبط الربوي ، ثم تتورط في حروب متخبطة من جراء الشمولية الربوية من فرديتها إلى جماعيتها شعبية وحكومية.
إنهم لا يقومون في الحياة ولا يتحركون أية حراك إلّا قيام الممسوس المضطرب القلق المتخبط الذي لا ينال استقرارا ولا طمأنيته ولا راحة ولا ينيلها مجتمعه ، بل ينيلهم كلّ تخلّف وتأرجف لكفّات الموازين والقيم.
فالمشابهة بينهم وبين الذي يتخبّطه الشيطان من المس هو في الرؤية المتخلفة للحقايق والعمل المتخلف من جرّائها ، بفارق أن مسّ الشيطان قد يزيل العقل فلا تكليف ، وآكل الربا قد تزول عقليته الإنسانية بما فعل ، والامتناع بالاختيار لا
__________________
ـ يقوم فلا يقدر أن يقوم من عظم بطنه فقلت : من هؤلاء يا جبرئيل؟ قال : هؤلاء الذين يأكلون الربا لا يقومون إلّا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس».
(١) نور الثقلين عن تفسير العياشي عن شهاب بن عبد ربه قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول : ...