قول فصل وما هو بالهزل ـ كتاب لا يأتيه الباطل ـ ينسب إليه الارتكان إلى الباطل دون إبطال وهو من أنحس التأويل وأضله.
(ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا).
«ذلك» كالتخبط في القيام (بِأَنَّهُمْ قالُوا ...) فنفس هذه القيلة تخبط من القول ، والعمل بها تخبط في العمل ، كما ويخلف تخبطا في القيام هنا وفي الأخرى.
وقد تعم «قالوا» مثلث القول ، رأيا ولسانا وعملا ، فقد تجمع هذه الثلاث فثالوث الضلال ، أم اثنان منها : رأيا ولسانا ـ رأيا وعملا ـ عملا ولسانا ، أم واحد منها ، فهذه دركات سبع على اختلافها في «قالوا» فلا تحصر في نطاق القول ، فالنظر قول ، والعمل هو نتيجة النظر.
وقد يلمح تمثيل البيع بالربا أنها هي الأصل عندهم ، فهو إزراء بتحليل البيع المماثل للربا وتحريمها ، تأصيلا للربا تعسيلا لها وتفريعا للبيع تقريعا به!.
وهل الجملة التالية هنا مستأنفة فهي من كلام الله ردا عليهم إبطالا لقياسهم المنكوس المركوس؟.
أم هو من قولهم تنديدا باختلاف الحكمين في المتماثلين استفهاما واستفحاما!.
إنها تتحمل كلتا الحالتين ، فهي قول الله ردا عليهم ، كما وهي قولهم نقلا عن الله تنديدا بها ، فلا يرد عدم إمكانية الاستدلال بها كضابطة في حلّ البيع وحرمة الربا ، حتى وإن اختصت بمقالهم ، فإنهم ينقلونها عن الله ، فلو أنهم كاذبون فيه فليرد عليهم ، وعدم الرد دليل الصدق ، كما في كثير من قالة الكفار والشياطين ، المذكورة في القرآن دون رد عليها ، فإن السكوت هنا علامة القبول.