ولأن الله تعالى لا يحلل أو يحرم دونما مصلحة وحكمة ، ابتلائية كانت أم واقعية ، فقولهم إذا : (إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا) هي قولة كافرة مجنونة ، كافرة لأنها ردة على حكم الله ، ومجنونة لأنها نكران لبديهة الفرق بين البيع والربا كما الفرق بين الحق اللائح والباطل الكالح ، فالربا لا يقابلها أي سعي أو سلعة أم حق آخر تستحق به ، والبيع الصالح هو بنفسه سعي ، بل وحتى الفاسد منه إلّا في فاسده بالربا.
(أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) مرسلة تحلق على كل بيع ليست فيه ربا ، بسائر شروط صحته المسرودة في محالها كالتراضي المستفاد من (تِجارَةً عَنْ تَراضٍ) أما شابه ، أم وإذا شملت ربا البيع فهي مقيدة ب (وَحَرَّمَ الرِّبا) فبينهما ـ إذا ـ عموم من وجه ، ثم (وَحَرَّمَ الرِّبا) وإن كانت مرسلة حسب الظاهر البادئ ، ولكنها نص في إطلاقها ، فإن حرمة الربا هي من القضايا التي قياساتها معها كأكل المال بالباطل ، فليست لتقبل تقييدا أو تخصصا ، حيث الربا مصداق بيّن من مصاديق الباطل ليس إلّا ، وكما نراه في طيات أحاديث حرمة الربا مثل ما يروى عن الإمام الرضا (ع): «وعلة تحريم الربا لما نهى الله عز وجل عنه ولما فيه من فساد الأموال لأن الإنسان إذا اشترى الدرهم بالدرهمين كان ثمن الدرهم درهما وثمن الآخر باطلا فبيع الربا وشراؤه وكس على كل حال على المشتري وعلى البائع ...» (١) وهذا كمثال يمثل لنا دور الربا وواقعها أنها زيادة غير مستحقّة على أية حال ، فكيف بالإمكان أن تستحق زيادة غير مستحقة؟!.
فقد تشمل الربا كافة المعاملات بيعا وقرضا وسواهما وحيثما نجد واقع الربا دونما استثناء ، مهما كان القرض أم البيع من شؤون نزول آية الربا ، حيث الإعتبار ليس بخصوص المورد بل هو بعموم المعنى ، بل وحتى لو اختصت الآية
__________________
(١) الوسائل ١٢ : ٤٢٤ محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن محمد بن سنان عن الرضا (ع).