سواء بسواء عينا بعين يدا بيد ، ولكن بيعوا الذهب بالورق والورق بالذهب والبر بالشعير والشعير بالبر والتمر بالملح والملح بالتمر يدا بيد كيف شئتم ، من زاد أو ازداد فقد اربى»(١).
فأصل الربا التي تفسد المال والمآل هي الزيادة الباطلة ، ودون مقابل من سعي واستحقاق ، فهل إن الآخذ منّا وزيادة من حليب بديلا عن منّ من سمنه ، هو الذي أخذ زيادة باطلة أم زميله؟.
فإنما الأصل في شريطة المماثلة جنسا أو كيلا ووزنا ، هو الحصول على المساوات بين العوضين في سعرهما ، وذلك ميسور في هذه الحدود ، ومعسور في غيرها كالمتخالفين من غير المكيل والموزون ، فلا بأس بالزيادة كحق للمستزيد في غيرهما ، اللهم إلّا إذا كان تبادل التجاهل والغرر كما في صحيح ابن مسكان : سئل الصادق (ع) عن الرجل يقول :
عاوضني بفرسي وفرسك وأزيدك؟ قال : فلا يصلح ولكن يقول أعطني فرسك بكذا وكذا وأعطيك فرسي بكذا وكذا» (٢).
ونحن نلمس من طيات روايات الربا ، المعللة منها ، أن الأصل في محظورها هو نفسها ، أن تزيد أو تستزيد بباطل ودونما مقابل تستحقه.
فقد ينهى رسول الله (ص) عن بيع صاعين من تمر رديء بصاع من الجيد ، لا لأنهما مكيلان موزونان ومثلان في الجنس ، بل لجهالة السعر بينهما ،
__________________
(١) الدر المنثور ١ : ٣٦٨ ـ أخرج الشافعي ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة والبيهقي عن عبادة بن الصامت أن رسول الله (ص) قال : ...
وفيه عنه (ص) الذهب بالورق ربا إلّا هاء وهاء ، والبر بالبر ربا إلّا هاء وهاء والشعير بالشعير ربا إلّا هاء وهاء والتمر بالتمر ربا إلّا هاء وهاء.
(٢) التهذيب ٢ : ١٥١ والإستبصار ٣ : ١٠١.