فقد تشمل (فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ) الراد على الله في حرمتها ، والمقترف لها عامدا ، أو متجاهلا أم جاهلا ، إذ ليس هنا «منهم» حتى تختص بالأولين ، فسواء أكان هؤلاء كفارا أم مسلمين ، تشملهم النص دون إبقاء.
وموقف الآية بالنسبة للكفار موقف آية الغفر :
(قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ) (٨ : ٣٨).
وفي نطاقها الحديث «من أدرك الإسلام وتاب عما كان في الجاهلية وضع الله عنه ما سلف» (١) و «الإسلام يجب ما قبله».
فتلك ضابطة عامة كما الثانية ، لا تختص بحقل المرابين ، فإنما تذكر هنا لتشملهم مع من سواهم من المتّعظين بموعظة الرب ، ضابطة ثابتة في كافة الحقول المتشابهة.
ثم «موعظة» تراها تخص تبيّن حكم الله للمتخلف؟ وليست معرفة حكم الله بنفسها موعظة ينتهى بها ، فقد ينتهي العارف به عن جهله ، وهو مصر فيما كان قبلها ، وأخرى ينتهي عن جهالته بعد علمه ، ولا يعني الانتهاء هنا ـ وبخاصة في الناكر لحرمتها ـ انتهاءه عن نكرانه بعد علمه ، بل هو انتهاء عن كل ما كان من نكران واقتراف لذنبه ، وذلك الانتهاء لا واقع له لزاما إلّا بموعظة ، لا ـ فقط ـ بعلمه بعد جهله ، فكثير هؤلاء الذين يعلمون الحرام ويقترفونه متجاهلين ، جهالة لا جهلا بحكمه ، «فالموعظة التوبة» (٢) حيث تستتبعها.
إذا فكما عمت «فمن جاءه» كل آكلي الربا كافرين ومؤمنين ـ فيمن عمتهم
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٢٧٩ عن أبي جعفر عليهما السلام.
(٢) في صحيحة محمد بن مسلم في الآية «والموعظة التوبة» (التهذيب ٢ : ١٢٢).