ثم (وَمَنْ عادَ) فيما اخطأ من مثل كبيرة الربا فما فوقها (فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) إن ماتوا على عودهم ، مهما اختلف خلود عن خلود ، فخلود الناكر لحكم الله هو بطبيعة الحال أكثر من خلود المقترف لمعصية كبيرة وهو غير ناكر ، وليس الخلود لحدّ خاص من الزمن ، حتى يسوّى فيه بين كل العائدين إلى ما سلف من كفر أو كبيرة ، وإنما هو مدة طويلة من الزمن ، وهي تختلف حسب اختلاف تلكم العودات.
وقد تعني (وَمَنْ عادَ) كل عائد إلى كبيرة عملية وعقيدية كما هنا ، (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا) فكل قائل أن الحلال مثل الحرام ثم يقترفه كحلال ، إنه إذا تاب وانتهى فله ما سلف (وَمَنْ عادَ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ).
أو يقال هنا المورد الخاص لمن جاءه موعظة هم القائلون (إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا) وهو كفر ، فيشمل المؤمن المرابي المنتهي بأحرى ، وخلود النار يختص بالكافرين الناكرين لحرمة الربا.
ولأن (فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ) تحلّق على كل زمن التكليف حتى آخر نفس ، إذا «فمن عاد» يعني عودا دون رجوع ، أم عودا آخر عمره راجعا إلى ربه على حاله ، فهو الإصرار على ما سلف من كفر أو عصيان كبير ، ومقترف الكبيرة غير النادم عنها ، المصر فيها ، قد لا يكون مسلما ، أم هو مسلم لأدنى مراحله ويستحق خلود النار ، كما ليس له ما سلف حين عاد (خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ).
وترى إن تاب آكل الربا بما جاءه من موعظة ، فهل له ما سلف من نقد أخذه وما أسلف؟.
(فَلَهُ ما سَلَفَ) إضافة إلى عدم شمولها كأصل للربا ، إنما تخص ما سلف