أَمْوالِكُمْ) تختص بمورد العفو : (وَإِنْ تُبْتُمْ).
إذا فإن بقي بعد (رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ) شيء من مأخوذ الربا فليردّ ، وإن لم يبق (فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ) ثم (وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ) فيما أتلف من أموال الربا ، وليس عليه أن يرده من رأس ماله أو يتكلف في تحصيله ، وإلى هذه الحالة تتأول الروايات القائلة أن له ما أخذ (١).
__________________
(١) منها صحيحة محمد بن مسلم دخل على أبي جعفر رجل من أهل الخراسان قد عمل بالربا حتى كثر ماله ثم أنه سأل الفقهاء فقالوا : ليس يقبل منك شيء إلّا أن ترده إلى أصحابه فجاء إلى أبي جعفر عليهما السلام فقص عليه قصته فقال أبو جعفر عليهما السلام مخرجك من كتاب الله عز وجل (فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ) «والموعظة التوبة» (التهذيب ٢ : ١٢٢).
هنا يرده الإمام إلى الآية دون بيان لها ، فالحكم هو المستفاد منها إضافة (ذَرُوا ما بَقِيَ ...) و (فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ) وذلك رد على «إلا أن ترده إلى أصحابه» إذ يعني أن كل ما أخذته من ربا يجب رده إلى أصحابه مهما أتلفتها وصرفتها ، وذلك يحلق على أضعاف رأس ماله ، والظاهر من حال الرجل وقاله أنه تائب ، وحكم التائب مبين في هذه الآيات وليس فقط (فَلَهُ ما سَلَفَ) بل (وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ) كما أمر في بقية الآيات.
ومنها ما رواه الكليني في الصحيح عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله (ع) قال : سألته عن رجل يأكل الربا وهو يرى أنه حلال! قال : «لا يضره حتى يصيبه متعمدا فإن أصابه متعمدا فهو بالمنزل الذي قال الله عز وجل» (الكافي ١ : ٣٦٩ باب الربا ح ٣ والتهذيب ٧ : ١٥ رقم ٦٦) عن الحلبي عنه (ع).
أقول : لا يضره تعني ـ لأقل ما تعنيه ـ العقوبة ، ومن ثم وجوب رد ما أخذه ، وهما ضرران «فإن أصابه متعمدا فهو بالمنزل الذي قال الله» قد تعني : (لا يَقُومُونَ ...) و (مَنْ عادَ) فغير التائب ليس له أي عفو أو تسهيل ، فإذا تاب بعد جهله فله ما سلف كما لسائر التائبين وله زيادة أنه ما كان مذنبا حتى تشمله (فَلَهُ ما سَلَفَ) وإنما له ما أتلف مما سلف ثم ما بقي يرده حيث الجهل لا يملكه الربا إلى الحاضرة ، وإنما عدم العصيان من ناحية الجهل وعدم وجوب رد ما أتلف من ناحية التوبة.