ثم التصدق لا يختص بالسماح عن أصل المال وإن كان أفضله ، فمن التصدق السماح عن بعضه ، أو عن كيفية أداءه المشترطة ، ومنه التصدق بتأجيل أجله وكما عن النبي (ص) «لا يحل دين رجل مسلم فيؤخره إلا كان له بكل يوم صدقة» (١).
إذا فالتصدق درجات ، كما أخذ الربا ، واسترجاع رأس المال الحالّ مع الإعسار دركات.
وذلك التصدق بدرجاته كفارة لمن أخذ الربا وأتلف ، مهما غفر له بما تاب وانتهى ، فبديلا عما أكل من زيادة باطلة ، فليؤكل صاحبه زائدة الصدقة جزاء وفاقا ، مهما لم يفرض عليه.
وكضابطة عامة (فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ) لا تشمل إلّا من استدان رجاء ميسرة ثم أعسر ، دون المستدين بلا رجاء لأدائه ، أو الذي صرفه في غير سبيل الله ، أو هو في ميسرة يدعي الإعسار ، أو هو في إعسار بتبذير أو إسراف أما ذا من وجوه الإتراف.
(وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) ٢٨١.
(وَاتَّقُوا يَوْماً ...) فيه تجزون ما كسبتم إذ (تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ) كما
__________________
(١) الدر المنثور ١ : ٣٦٩ وفي نور الثقلين ١ : ٢٤٦ عن الكافي بسند متصل عن أبي عبد الله (ع) قال : صعد رسول الله (ص) المنبر ذات يوم فحمد الله وأثنى عليه وصلى على أنبياءه صلى الله عليهم ثم قال : أيها الناس ليبلغ الشاهد منكم الغائب ألّا ومن أنظر معسرا كان له على الله في كل يوم صدقة بمثل ماله حتى يستوفيه ثم قال أبو عبد الله (ع): (وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أنه معسر فتصدقوا عليه بما لكم عليه فهو خير لكم.