ب (وَاتَّقُوا اللهَ) برباط أكثر مما لم تتق الله ، وكما قال الله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) (٨ : ٢٩) وقد قال رسول الله (ص): «من عمل بما علم ورثه علم ما لم يعلم» (١).
هذا وقد تكون الواو هنا حالية : (وَاتَّقُوا اللهَ) الحال أنه (يُعَلِّمُكُمُ اللهُ) فاتقوه فيما يعلمكم فلا تجاهلوا ولا تخالفوه فيما علمكم.
أم وللاستئناف (وَاتَّقُوا اللهَ وَ) على أية حال (يُعَلِّمُكُمُ اللهُ) فيما تتقونه أم لا تتقونه ، ولكن التقوى تزيدكم علما وفرقانا ، فلإن الله علمكم ما تتقونه فاتقوه ، ثم يعلمكم مزيدا إن تتقوه.
ولأن تقوى الله ليست إلّا عن علم بشرعة الله ، فليست هي التي تعلمنا شرعة الله ، بل تزدادنا معرفة بالله وبخفايا أسرار الشرعة أصولا وفروعا : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً. ذلِكَ أَمْرُ اللهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً) (٦٥ : ٥) ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٥٧ : ٢٨).
(أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ) (٣٩ : ٢٢).
__________________
(١) الدر المنثور ١ : ٣٧٢ ـ أخرج أبو نعيم في الحلية عن أنس قال قال رسول الله (ص) : ... وفيه أخرج الترمذي عن يزيد بن سلمة أنه قال يا رسول الله (ص) إني سمعت منك حديثا كثيرا أخاف أن ينسيني أوّله آخره فحدثني بكلمة تكون جماعا ، قال : اتق الله فيما تعلم ، وفيه أخرج الطبراني في الأوسط عن جابر قال قال رسول الله (ص) من معادن التقوى تعلمّك إلى ما علمت ما لم تعلم والنقص والتقصير فيما علمت قلة الزيادة فيه وإنما يزهد الرجل في علم ما لم يعلم قلة الانتفاع بما قد علم.