ميسورة بطبيعة الحال حتى في الكبيرة!.
طبعا هي في تجارة كبيرة ، حفاظا عن الريبة بعدها ، وصدا عن دعوى كلّ من المتعاملين نكران المعاملة عن بكرتها ، أم نكران تسليم أو تسلم لعوض أو معوض.
وترى حين تكون «تجارة» خبرا للمداينة المستفادة من «تداينتم» فهل إنّ التجارة الحاضرة مداينة حتى تستثنى منها؟.
كلّا! وإنما هي استثناء منقطع ، يقطع حكم الكتابة والشهادة بهذا النمط في غير المداينة ، قطعا لإثباتهما في كل مداينة دونما استثناء ، وهذا مما يؤكد استجرار ذلك الحكم الحكيم في كل مداينة ، ضمن معاملة أخرى أم بصورة مستقلة كقرض وسواه.
فالكتابة والشهادة هما على أية حال لا تعنيان إلّا الحفاظ على الحقوق والأموال إذا : (وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ) وقد تعنى «لا يضار» كلا الفاعل والمفعول ، حيث تنهى الكاتب والشهيد عن الإضرار بمن كتب له أو عليه ، كما تنهى المتداينين والمتبايعين عن الإضرار بكاتب أو شهيد ، (وَإِنْ تَفْعَلُوا) مضارة ، من أي الطرفين (فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ) : خروجا بكم عن طاعة الله إلى معصيته ، والمضارة هنا تعم المادية والمعنوية والعملية ، فلا مضارة في ذلك الحقل الأمين الذي يحافظ على مصالح المسلمين.
(وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).
إن العلم الحق هو الذي يعلمنا الله إياه ، ولكن تقوى الله تزيدنا علما ، كما أن طغوى الله تزيدنا جهلا ، ومهما كان (يُعَلِّمُكُمُ اللهُ) معطوفا على (وَاتَّقُوا اللهَ) دون أن تفرّع عليها ، إلّا أن نفس العطف هنا مما يعطف (يُعَلِّمُكُمُ اللهُ)