أنفسكم ، والعمل المفروض على القلب هو الإقرار والمعرفة كأصل «وهو رأس الإيمان» (١) «وهو أمير الجوارح الذي به يعقل ويفهم وتصدر عن أمره ورأيه» (٢).
فالآية ـ إذا ـ من أشمل الآيات تجويزا للعقوبة على سيئات الأنفس ، مهما خرجت الطارئات أم لم تخرج ، ثم الآيات الحاصرة للعقوبة ببادية السيآت ، والسيآت العقيدية ، تخرج النيات السيئة مهما كانت ركينة ، ولكنها قد تطوى بطيات السيآت العقيدية ، حيث المؤمن لا تركن في نفسه النية السيئة.
وقد تعني (إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ) إخفاء فيما يبرز عن الآخرين أم إبداء ، وكلاهما عمل لما في الأنفس.
فالعبارة الصالحة للمحتمل السالف «إن تبدوا أم لم تبدوا» حيث الإخفاء ليس إلّا لكائن في النفس ، فلا يعني إخفاءه إلا إخفاءه في العمل.
هذا! وكما أن (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) هي ضابطة ثابتة ، فليست لتقيد هذه الآية بغير النيات السيئة ، فإن التكليف بما فوق الوسع خارج
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٣٠١ في أصول الكافي بسند متصل عن أبي عبد الله (ع) أنه قال : فأما ما فرض الله على القلب من الإيمان فالإقرار والمعرفة والعقد والرضا والتسليم بأن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له إلها واحدا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا وأن محمدا عبده ورسوله والإقرار بما جاء به من عند الله من نبي أو كتاب فذلك ما فرض الله على القلب من الإقرار والمعرفة وهو عمله وهو قول الله عز وجل (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً) وقال : (أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) وقال : «الذين آمنوا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم» وقال : (إِنْ تُبْدُوا ...) فذلك ما فرض الله عز وجل على القلب من الإقرار والمعرفة وهو عمله وهو رأس الإيمان.
(٢) المصدر فيمن لا يحضره الفقيه قال أمير المؤمنين (ع) في وصيته لابنه محمد ابن الحنفية «وفرض على القلب وهو أمير الجوارح ...».