ثم الإيمان بالله حقه يتطلب الإيمان بملائكة الله كحملة لوحي التكوين والتشريع ، فليس الله ليوحي إلى الكل دون وسيط.
والإيمان بملائكته الصادرين عنه يستلزم الإيمان بعصمتهم وأمانتهم وأنهم (لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ).
والإيمان بملائكته طرف من الإيمان بالغيب الذي هو مصدر الإيمان ، حيث يخرج به الإنسان عن نطاق الحواس الحيوانية إلى ما وراءها من غيب الربوبية والوحي ووسائطه الملائكية ، فحين يلبي الإنسان ـ بفطرة وعقلية ـ دعوة الغيب بإيمان ، إذا يؤمن عن إصابته بالخلخلة والاضطراب ، تحرّرا عن محدود الشهود باللّامحدود من الغيب
ثم الإيمان بالملائكة يتطلب الإيمان بكتب الوحي التي تحمله الرسل الملائكية ، وعلى أضواء «كتبه» الإيمان برسله ، حيث الوحي هو الدليل على رسالتهم ، وليست سائر الآيات الرسالية إلّا براهين بينة على صدقهم في ادعاء الوحي ، فكتب الوحي متقدمة على رسل الوحي لأنها هي رسالتهم والدليل على محتدهم الرسالي.
ومن المقالات الإيمانية الصالحة بين رعيل الإيمان (لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) إيمانا ببعض وتكذيبا ببعض ، أم تفرقة تنافي وحدة الرسالة من المرسل الواحد العليم الحكيم.
ذلك! مهما كان (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ) فهم درجات عندنا كما عند الله ، ولكنه لا يتطلب تفريقا بينهم ، أم تفرقة لهم فيما يحملون من رسالات الله ، فهم ـ ككل ـ حملة وحي الله كما أوحى ، مهما اختلفت مادة الوحي وشاكلته بينهم ، وكما تختلف لكل واحد منهم حسب الحكمة الربانية لصالح المرسل إليهم.