كما وحرم عليهم طيبات أحلت لهم جزاء بما عصوا وكانوا يعتدون : (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ كَثِيراً. وَأَخْذِهِمُ الرِّبَوا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ ...) (٤ : ١٦١) (وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوايا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصادِقُونَ) (٦ : ١٤٦) وكتب عليهم أن اقتلوا أنفسكم جزاء عما خضعوا لعجل السامري ، وحرم عليهم السبت.
وليس من التكليف الإصر عليهم ما لا يطاق وهو كر على ما فر منه من قذارة كما يروي الحديث المختلق «إن بني إسرائيل كانوا إذا أصابهم البول قرضوا بالمقاريض» (١) وهذا يقتضي ـ دوما ـ عند البول إخراج الدم من موضعه
__________________
(١) الدر المنثور ١ : ٣٧٧ عن عبد الرحمن بن حسنة أن النبي (ص) قال : ... وفيه أخرج ابن أبي شيبة عن عائشة قالت دخلت عليّ امرأة من اليهود فقالت : إنّ عذاب القبر من البول ، قلت : كذبت قالت : بلى ، قالت أنه ليقرض منه الجلد والثوب وأخبرت رسول الله (ص) فقالت : صدقت.
وفي نور الثقلين ١ : ٣٠٦ عن الإحتجاج للطبرسي عن النبي (ص) ـ في تتمة الحديث السابق ـ فقال النبي (ص) إذا أعطيتني ذلك فزدني فقال الله تعالى له : سل ، قال : (رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا) يعني بالإصر الشدائد التي كانت على من قبلنا فأجابه الله إلى ذلك فقال تبارك اسمه قد رفعت عن أمتك الآصار التي كانت على الأمم السالفة ، كنت لا أقبل صلواتهم إلّا في بقاع معلومة من الأرض اخترتها لهم وإن بعدت وقد جعلت الأرض كلها لأمتك مسجدا وطهورا ، فهذه من الآصار التي كانت على الأمم قبلك فرفعتها عن أمتك ، وكانت الأمة السالفة إذا أصابهم أذى من نجاسة قرّضوه من أجسادهم وقد جعلت الماء لأمتك طهورا فهذا من الآصار التي كانت عليهم فرفعتها عن أمتك ...
أقول : قال الله تعالى : (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً) وقول الله أحرى بالقبول من هذه القيلة ـ