فالغاية القصوى من خلق الجن والأنس هي العبادة ، كآية محكمة تفسر الغاية الجانبية في «ليزدادوا».
ثم قد تكون الغاية معنية كما العبادة غاية للخلق ، وأخرى غير معنية ولكنها واقعية كازدياد الإثم في إملاء الذين كفروا ، فإنها غير معنية لله ، وإنما هي واقعية لم يحجب الله عنها تكوينا كما في (لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً) ولم تكن هذه الغاية معنية لآل فرعون ، بل هي واقعية.
فانما التعمير يعني في عناية شرعية التذكير (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ) (٣٥ : ٣٧) فقد أنعم الله عليهم ليشكروه واحسن إليهم ليطيعوه ، فتمادوا وتتابعوا في ضلالهم فتركهم وما افتعلوا ، وخلى بينهم وبين ما اختاروا ، فلم يمنعهم من ذلك اجبارا ، ولم يحل بينهم وبينه اقتسارا ، فسمي ذلك الترك إملاء ، فكما أجراهم الله في المضمار وأجرّهم طول الأنظار ولم يعاجلهم بمستحق العقاب تمادوا غيا ، وازدادوا إثما.
ذلك ، وحتى إذا كانت زيادة الإثم معنية في التعمير ، فهي عناية تكوينية لا تشريعية ، والعناية التكوينية الربانية تحلق على كافة الحوادث خيّرة وشريرة دون تناحر مع صالح الاختيار والتكليف.
لذلك ترى ان الله قد ينسب فعلة الشيطان الى نفسه ، تدليلا على انه تعالى غير منعزل ولا معتزل عما يفعله العباد مهما كان لهم اختيار في تكليفية الأفعال.
وهكذا توجه ارادة الله لزيادة الإثم كفاية معنية من إملاء الكافرين ، أنها غاية واقعية هي لهم مختارة ، عقوبة عليهم بإثمهم فيزدادوا إثما ، فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم.
وترى إذا كان إملاء الكافر وامهاله شرا له فموته خير ، فهل ان المؤمن كما