الكافر موته خير مهما كانت حياته أيضا خيرا؟ نعم موته خير حين يزداد بإملائه شرا ، وحياته خير حين يزداد خيرا ، والرواية القائلة بان موته خير (١) مؤولة على الحالة السائرة بين المؤمنين أنهم ـ في الأكثر ـ لا يزدادون باملاءهم إيمانا ، بل إثما ، وعلى حد المروي عن سيد الساجدين (عليه السلام) «اللهم إن كان عمري بذلة في طاعتك فعمرني وإن كان عمري مرتعا للشيطان فاقبضني إليك قبل ان يسبقني مقتك وغضبك».
(ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَما كانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلكِنَّ اللهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشاءُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ) ١٧٩.
«ما كان» من شأن الله (لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ) الصالحين الواقعيين (عَلى ما أَنْتُمْ) المتظاهرين بالإيمان «عليه» أن يدع صفّ الإيمان مختلطا دون تمييز حيث يتوارى المنافقون وضعفاء الإيمان فيه وراء دعوى الإيمان ومظهره ، فالدور الإيماني العظيم يقتضي الصفاء والتجرد والوفاء والتميّز والتماسك والتحيز ، فلا يكون في صف الإيمان خلل ولا في بنائه بلبناته دخل.
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٤١٣ في تفسير العياشي عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليهما السلام) قال قلت له : اخبرني عن الكافر الموت خير له ام الحياة؟ فقال : الموت خير للمؤمن والكافر ، قلت : ولم؟ قال : لان الله يقول : (وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ) ويقول (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا ..). أقول : صحيح ان (ما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ) ولكن الحياة الايمانية الموفقة لصالح الايمان وتقدمه تزيد خيرا فيما عند الله ، فالتأويل الصالح ما ذكرناه في المتن.
وفيه عن مقتل الحسين (عليه السلام) لابي مخنف قال الضحاك بن عبد الله مرت بنا خيل ابن سعد لعنه الله تحرسا وكان الحسين (عليه السلام) يقرأ (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ ...).