(ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) : (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ ... وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ. أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) (١٤٠ : ١٤٢).
فالعلم هنا هو الميز هناك يعنيان ميز الخبيث من الطيب أن يعلم كلا بعلامته ، فيصهر الصف ليخرج منه الخبث ، وان يضغط لتتهاوى اللبنات المتهاوية ، وان تسلط عليه الأضواء لتكشف الدخائل والضمائر : (لِيَمِيزَ اللهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) (٨ : ٣٧).
وان لميز الخبيث عن الطيب أدوارا متدارجة متدرجة حتى يصل الدور الى ميز مطلق مطبق زمن القائم المهدي (عليه السلام) ، و «لا تمضي الأيام والليالي حتى ينادي مناد من السماء يا أهل الباطل اعتزلوا فيعزل هؤلاء من هؤلاء ويعزل هؤلاء من هؤلاء ...» (١).
وإن لزمن الغيبة دورا عاليا لذلك الميز المبين حتى تبين اهل الحق عن اهل الباطل فيحكم الحق بصالحي اهله دون خلط ولا خبط ف «لتغربلن غربلة ولتبلبلن بلبلة حتى يعود أسفلكم أعلاكم وأعلاكم أسفلكم».
ذلك (وَما كانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ) المختص بربوبيته او بوحيه (وَلكِنَّ اللهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشاءُ) أن يطلعه على غيب وحيه قضية رسالته
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٤١٤ في تفسير العياشي عن عجلان بن صالح قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : ... قال : قلت أصلحك الله يخالط هؤلاء هؤلاء بعد ذلك النداء؟ قال : كلا انه يقول في الكتاب : (ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ).