هو شر ف (إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) ثم وشرعة الله وعباده الصامدون مأمونون عن إملاء الكافرين ، وهو لهم امتحان ليزدادوا إيمانا بجهادهم المتواصل ، ولأولاء امتهان ليزدادوا إثما.
وثالوث العذاب العظيم الأليم المهين متوارد على المسارعين في الكفر ، المنهمكين في وسائل ترفهم ، المهملين في كل طرفهم.
وهذا أنسب ختام بعد عرض الحرب وانهزام المسلمين ، فإن هناك شبهة كاذبة مريبة تحيك في صدور ضيقة أمام المعارك الناشبة بين الحق والباطل ، حين يعود منها الباطل منتصرا ذا جولة وصولة : لماذا يا رب يصاب الحق بما يصيب الباطل أهل الحق ، وهذه فتنة تهز القلوب ، وكما حصلت في هزيمة أحد «أنى هذا»؟.
ففي هذا المطلع الختامي يأتي حاسم الجواب الصواب بعد سائر الجواب الصواب ، ان ذهاب الباطل ناجيا عن المعركة وبقاءه متنفّشا في فترة قليلة او طويلة ، إنه لا يعني أن الله يملي الباطل ويمهله بإهمال الحق ، وانه مجافيه او ناسيه ، متروكا للباطل يغتاله ويرديه ، فإنما هي حكمة وتدبير ، إملاء للباطل ليمشي ويمضي الى نهاية المطاف ، وليرتكب ابشع الآثام ويرتبك فيها فينال العذاب المهين ، ويصمد اهل الحق وجاه الباطل فينالوا الثواب العظيم.
إنما يريد الله استنفاد رصيد الباطل في هذه المعارك لينال خالص العذاب ، وتبلور رصيد الحق لينال خالص الثواب فان الدار دار الامتحان لأهل الحق ، والامتهان لأهل الباطل في جو ذلك الامتحان.
فلا تعني «ليزدادوا» ما تعنيه «ليعبدون» في (ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) حتى تتعارضا ، فالعناية الأولى تكوينية عقوبة على أهليها الكافرين ، والثانية تشريعية مغبة العبادة من المؤمنين.