لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) ١٧٨.
هنا (الَّذِينَ كَفَرُوا) هم المسارعون في الكفر ، الذين (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) ولا يعني (الَّذِينَ كَفَرُوا) ككل ، إذ قد يؤمن البعض بالإملاء بطول النظر والعبر ، الذين كفروا لشبهة دون عناد ، أم عناد غير عريق ، ام عريق غير غريق ، ف (إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا) بيان لواقع المستقبل للمسارعين في الكفر المصارعين الإيمان وأهله على علم وعمد.
فالذين كفروا ـ ومعهم بسطاء الإيمان القاحل ـ يحسبون أنما يملى لهم في نفس ونفيس خير لأنفسهم فيخيّل إليهم أن لو كان الإيمان حقا لما أملى الله للكافرين.
كلا! بل (وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) (٧ : ١٨٣) و ٦٨ : ٤٥) والإملاء له طرفان ، رباني ابتلاء وامتهانا في امتحان بكيد متين ، وشيطاني حيث (الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلى لَهُمْ) (٤٧ : ٢٥) : (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ) (١٣ : ٣٢) ـ (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَثَمُودُ. وَقَوْمُ إِبْراهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ. وَأَصْحابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسى فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ) (٢٢ : ٤٤) (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَها وَهِيَ ظالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُها وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ) (٤٨).
والإملاء هو الإمداد ومنه قيل للمدة الطويلة ملاوة من الدهر وملي من الدهر ، فالإملاء هو الإمهال مدّة وعدة وعدة ، إمدادا بأموال وبنين ، ف (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) (٢ : ١٥) (أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ. نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ) (٢٣ : ٥٦).
أجل ، إنه ليس الإملاء الإمداد من الله للذين كفروا خيرا لأنفسهم بل