وقيلة القائل (سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ) دليل على اختصاصه بالمال حيث العلم لا يطوق به ، مردودة بان طوق العلم المتخلف أطوق من متخلف المال ، مهما اختلف طوق عن طوق ، أو تخلّف طوق العلم عن طوق علم القيل ، حيث الأعمال الشريرة كلها أطواق : (وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً) (١٧ : ١٣) ، وقد يروى عن رسول الله الهدى (صلى الله عليه وآله وسلم) «من سئل عن علمه فكتمه ألجمه الله بلجام من النار يوم القيامة».
وهنا تجاوب عام بين آية الطوق وسائر آيات الإنفاقات المفروضة ، وآخر خاص بينها وبين آية الكنز : (الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ. يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ) (٩ : ٣٥).
ومن الملاحم الغيبة في آية الطوق هي حشر عوامل الشر كما يحشر العامل بعمله ، فهناك مثلث من الحشر تحضيرا حذيرا لثالوث الشرير (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) لا يعزب عنه مثقال ذرة.
وانما «هو خيرا» لا «هو خير» حيث «هو» ضمير فصل عن المفعول المحذوف المعروف من (يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) فلا يحسبنه خيرا (١).
__________________
(١) فلان للمبتدء حقيقة وللخبر حقيقة وكون المبتدء موصوفا بحقيقة الخبر امر زائد على حقيقة المبتدء وحقيقة الخبر فلا بد من صيغة ثالثة دالة على هذه الموصوفية وهي هنا «هو» ، والبصريون يسمون «هو» هذه فصلا والكوفيون عمادا والثاني احسن اعتمادا فالعماد هنا عماد الفعل لوقوعه عليه فهو مفعول.