ولقد كان لهذه الصيحة الإبليسية وقعها الشديد المديد على المسلمين ، فانقلب جماعة منهم على أعقابهم حربيا او نفسيا وهي أخطر وأشجى.
ف (ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ) وليس هو المرسل حتى إذا مات ماتت الدعوة كالداعية ، فانما كيانه ككل انه «رسول» ـ عليه ما حمّل وعليكم ما حمّلتم ـ عليه تأدية رسالته كما حمّل ، ثم عليكم تأديها كما حمّلتم ، فإذا أدى رسالته كما حمّل فلما ذا ـ إذا ـ انقلاب على الأعقاب إن مات او قتل ، إذ لم تمت الدعوة ولم تقتل بموت الداعية.
(وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ) خلت دعوة ثم خلت عن الحياة والدعوة باقية ، وكذلك محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) مهما كان
__________________
ـ يريدون مكة وان رأيتهم قد ركبوا الخيل ويجنبون القلاص فإنهم يريدون المدينة فأتاهم علي (عليه السلام) فكانوا على القلاص فقال ابو سفيان لعلي (عليه السلام) يا علي ما تريد هوذا نحن ذاهبون إلى مكة فانصرف إلى صاحبك فاتبعهم جبرئيل (عليه السلام) فكلما سمعوا وقع حوافر فرسه جدوا في السير وكان يتلوهم فإذا ارتحلوا قال : هو ذا عسكر محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) قد اقبل فدخل ابو سفيان مكة فأخبرهم الخبر وجاء الرعاة والحطابون فدخلوا مكة فقالوا رأينا عسكر محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) كلما ارتحل ابو سفيان نزلوا يقدمهم فارس على فرس أشقر يطلب آثارهم فأقبل اهل مكة على أبي سفيان يوبخونه ورحل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والراية مع علي (عليه السلام) وهو بين يديه فلما ان اشرف بالراية من العقبة ورآه الناس نادى علي (عليه السلام) ايها الناس هذا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يمت ولم يقتل فقال صاحب هذا الكلام الذي قال : الآن يسخر بنا وقد هزمنا هذا علي والراية بيده حتى هجم عليهم علي (عليه السلام) ونساء الأنصار في افنيتهم على أبواب دورهم وخرج الرجال اليه يلوذون به ويتوبون اليه والنساء نساء الأنصار قد خدشن الوجوه ونشرن الشعور وجززن النواحي وفرقن الجيوب وحرضن البطون على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فلما رأيته قال لهن خيرا وأمرهن ان يستترن ويدخلن منازلهن وقال : إن الله وعدني ان يظهر دينه على الأديان كلها وأنزل الله على محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وما محمد إلا رسول ...