ولزام الابتلاء تجويز المعاملات الجزئية للصغار على رقابة الأولياء ، تعريفا منهم لهم كيفية المعاملة ، ابتداء بكونهم كوسائط في هذه المعاملات ، ومن ثم استقلال على نفس الرقابة حتى يؤنس منهم ـ على ضوء التداوم في ابتلاءهم ـ رشد ، فقد تجوز معاملة الصبيان ضمن الابتلاء حيث يؤمرون به ، ولولاه لما جاز الابتلاء فضلا عن وجوبه! وهذا لا يقتضي تجويز معاملاته المستقلة خارج الابتلاء ، ولكن يجوز ـ معذلك ـ دفع مال له إليه فإنه مشروط بإيناس الرشد حسب النص (فَإِنْ آنَسْتُمْ) إذا فجواز معاملاته مشروط بشرطي عدم دفع ماله إليه وبالرقابة عليه في معاملاته الابتلائية.
ولأن الضرورات تقدر بقدرها فجواز تصرفات الصبي مقدر بقدر واجب الابتلاء ، فإن اقتضى دفع مال له إليه لمعاملة على رقابته دفعه إليه ، وليس هذا داخلا في النهي المستفاد من الأمر في «فادفعوا» حيث يعني الدفع طليقة دون مقيده بالرقابة الابتلائية ، كما وقد لا يشمله منهي الدفع لأنه ليس دفعا وإنما هو لزام الابتلاء ، أم إذا كان دفعا يخصص بالدفع الذي هو لزام الابتلاء.
وواجب الابتلاء هو منذ التمييز إذ ليس أمرا دفعيا يحصل قفزة دون مراس ، بل هو تدريجي ابتداء من بداية التمييز (حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ) ، ثم وليس بلوغ النكاح آخر المطاف في واجب ابتلاءهم وسماح دفع أموالهم إليهم ، بل (فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ) لا قبل إيناس الرشد ، إذا فمدرسة الابتلاء بادءة من التمييز ومنتهية عند إيناس الرشد.
ولأن الرشد اقتصاديا وشرعيا درجات ، فقد يكون اليتيم رشيدا في معاملات جزئية ، غير رشيد فيما فوقها ، فدفع أمواله إليه يتبع ـ كما وكيفا ـ قدر رشده ، لا أن يكون رشد مّا كافيا لدفع كل أمواله إليه.
ومن الرشد المشروط في دفع المال هنا الرشد الشرعي علميا وعمليا ، فإن