يجوز أن يأكل إلّا هو ، اللهم إلّا عند ضرورة مدقعة ألا يكون هناك من يلي أمر هذا اليتيم إلّا هذا الفقير وأضرابه ، ثم وهذا الفقير لا يستطيع أن يعمل لليتيم ويبقى أهله جياعا ، فله ـ على هامش أكله منه ـ أن يدفع منه أكلة ضرورية لأهله.
ثم الفقير المسموح له أن يأكل من مال اليتيم هو الذي «حبس نفسه من أموالهم فلا يحترث لنفسه فليأكل بالمعروف من مالهم» (١) وأما الذي لم يحبسه السعي في مال اليتيم عن سعيه لنفسه ، فلا يفرق له سعيه وعدم سعيه لليتيم فلا يدخل في نطاق السماح لأكله ، اللهم إلا اقتراضا يوفيه لوقته ، أن يعرف من حاله الوفاء ، دون الفقير الأول الذي له الاقتراض سواء استطاع الوفاء أم لم يستطع.
فالضابطة الثابتة في أموال اليتامى عدم الأكل منها حتى بأجرة مشروعة في سواها ، اللهم إلّا للفقير الذي يفتقر حيث يصرف أوقات له في إصلاح أموال اليتيم ، فله أن يأكل قرضا قدر القوت ثم يوفيه إن استطاع.
والقدر المعلوم من حرمة مال اليتيم على وليّه الغني ، هو في المساعي التي تقتضيها الولاية مباشرة ، وأما التي لا تقتضي المباشرة كالزراعة والبناية وأضرابهما فله الأجرة العادلة فيهما ، سواء باشرها بنفسه أم استأجر غيره لها ، كما إن استأجر غيره فيما هو قضية الولاية لا يحق له دفع الأجرة من مال اليتيم.
إذا فالأجرة على نفس الولاية محرمة على الغني والفقير ، وهي على ما تقتضيه الولاية من المساعي ، محرمة على الغني ، وحل للفقير قدر قوته ، وأما
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٤٤٥ في تفسير العياشي عن زرارة عن أبي جعفر عليهما السلام قال سألته عن قول الله «وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ»؟ قال : ذلك إذا حبس ...