وأما صرف الولاية على الفقير فلا يقتضي أجرا ولا أكلا من مال اليتيم وسواه ، بل ولا تقتضي أجرا على أية حال ، كمن يلي امرا من أمور المسلمين ولا يصرف فيه عملا ولا أمرا له أجر فإن الأجرة عليها سحت وأكل بالباطل ، فضلا عن هكذا ولاية على اليتيم.
فالولاية المفروضة على اليتيم مفروض فيها ابتلاءه لإيناس رشده قدر الإمكان ، ولا أجر على المفروض إطلاقا فضلا عن المفروض بحق اليتيم ، ولا سيما بنص النهي «فليستعفف» وليس للفقير إلا سماح لأكل بالمعروف ، معروف في العرف الإسلامي ، ومعروف بنصوص القرآن ك (لا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) والأحسن للفقير ألّا يأكل إلّا قدر الضرورة الراجحة بحق اليتيم ، وهو الأكل بنية الرد إذا أمكن.
ثم الأعمال التي ليست هي لزام الولاية فليست هي مورد السلب والإيجاب ، فإنما هي ـ بمناسبة الحكم والموضوع ـ الأعمال في حقل ابتلاء اليتيم والحفاظ على أمواله ، وأما التجارة والزراعة والبناية وأشباهها فلأنها ليست قضية الولاية فهي خارجة عن مسرح السلب والإيجاب ، مهما فرض على أطراف المعاملة في أموال اليتامى التي هي أحسن بحق اليتيم ، وإذا عملها الولي بنفسه ففرض الأحسن أقوى أو أحسن.
٦ (فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً)
ومن حكم ذلك الإشهاد الابتعاد عن التهم الموجهة إلى الأولياء تضيعا لمال له ، أو عدم بلوغ اليتيم نكاحه أو رشده ، أو عدم الابتلاء الصالح لرشده ، أم ودعوى اليتيم بعد رشده عدم دفع ماله إليه.
ذلك وإن كان (كَفى بِاللهِ حَسِيباً) ولكن رعاية المجموعة المسلمة التي تعيشها ، حائطة على كيانك ، وتثبيتا لأمانك ، تقتضي الإشهاد على اليتامى كما