من ذلك الظلم مهما كان محرما لأنه قرب إلى مال اليتيم بغير التي هي أحسن ، فالسيئ ظلم بدركاته كأصل اولي ، والأحسن فضل مفروض ، والحسن ـ كالأكل اجرة ـ عوان بينهما ، مهما كان داخلا في طليق الظلم لحرمته هنا.
وبصورة طليقة أموال اليتامى بالنسبة لآكليها دون حق نار مهما اختلفت دركاتها ، ودركها الأسفل ما تصلي صاحبها النار السعير ، وأخفها ترك رزقهم من التركة وأكل الولي الغني قدر سعيه ، وبينهما متوسطات الدركات حسب الظلامات.
وهنا (يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً) حكاية عن الحال ، ثم (وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) حكاية أخرى هي عن الاستقبال.
ففي الحال (إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً) حصرا لما يأكلون في نار ، بيانا للملكوت الباطن ولمّا يظهر في هذه الأدنى لواقع الغطاء على هذه النار من الله لأنها دار عمل وليس الجزاء ، والغطاء على بصائر هؤلاء حيث لا يرون الحقائق هنا ثم يكشف الغطاء : (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ).
فبحديد البصر ترى النار الملتهبة من أموال اليتامى المأكولة ظلما ، وكما أن الذرات غير المتفجرة لا تبصر نارا ، وعند ما تتفجر يعرف أنها كانت تحمل النار ، كذلك السيئات هي كما الذرات تحمل في ملكوتها نارا ولا تتفجر إلّا بعد الموت (فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ)!.
وهذه النار الكامنة في الأولى هي محرقة في الأخرى لحدّ (وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) يصبح
حاملها حطبا ووقودا للسعير به يصطلى سائر أصحاب السعير.
إذا فأكل أموال اليتامى ظلما هو في عداد أكبر الكبائر المستحق بها صلي