السعير ، وكما في حديث البشير النذير (١).
وهذه الآية من آيات انعكاس الأعمال بوسائلها ، فأموال اليتامى تتمثل نارا ، وآكلوها يصلون سعيرا ، تجاوبا بين الآكل والمأكول في تسعير السعير.
وكما ان الآكل والمأكول هنا دركات ، كذلك الصلي بما دونه من نار دركات ، دون ان تنصب في مصب واحد والجريمة دركات.
ولماذا (فِي بُطُونِهِمْ) وليس الأكل إلّا في بطونهم؟ علّه تأكيد أن مصب النار هو مصب الأكل جزاء وفاقا كما (يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ) ـ (وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) ـ (وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ) تأكيدات ثلاث كما هنا.
وعلّ «بطونهم» تعم بطون الأرواح إلى بطون الأجساد مهما اختلفت نار عن نار ثم صلي عن صلي ، حيث الأرواح والأبدان مشتركان في ذلك الأكل الظالم.
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ١٢٤ عن أبي برزة أن رسول الله (ص) قال : يبعث القيامة قوم من قبورهم تأجج أفواههم نارا فقيل يا رسول الله (ص) من هم؟ قال : ألم تر أن الله يقول : (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً) ، وفيه أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي سعيد الخدري قال حدثنا النبي (ص) عن ليلة أسري به قال : نظرت فإذا أنا بقوم لهم مشافر كمشافر الإبل وقد وكل بهم من يأخذ بمشافرهم ثم يجعل في أفواههم صخرا من نار فتقذف في في أحدهم حتى تخرج من أسافلهم ولهم خوار وصراخ فقلت يا جبرئيل من هؤلاء؟ قال : هؤلاء الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما ...» وفيه أخرج البيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة قال قال رسول الله (ص) : أربع حق على الله ألا يدخلهم الجنة ولا يذيقهم نعيما مدمن خمر وآكل ربا وآكل مال اليتيم بغير حق والمعاق لوالديه.
وفي نور الثقلين ١ : ٤٤٩ في تفسير العياشي عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله (ع) قال : سألته عن الكبائر فقال : منها آكل مال اليتيم ظلما وليس في هذا بين أصحابنا اختلاف والحمد لله.